النساء ، وحال الأزكياء من الرجال انهم يمنعهم خوف مقام ربهم ان يمدوا عيونهم الى ما حرم الله عليهم ، وإذا كان الأمن في الآخرة جزاء خوفهم في الدنيا ، والراحة (اتكاؤهم على الفرش) جزاء تبعهم وعملهم الدؤوب فيها ، فان تلكم الحور جزاء لطهارتهم في الدنيا ، بغضهم من أبصارهم ، وترفعهم عما حرم الله ، استجابة لدعوته ، والتزاما برسالته (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ) (١) ولعلنا نهتدي من علاقة قصر الطرف بالطمث ، ان النظرة المحرمة قد تنتهي الى الزنا ، وذلك مضمون روايات كثيرة ، منها قول نبي الله عيسى (ع) : «لا تكونن حديد النظر الى ما ليس لك فانه لن يزني فرجك ما حفظت عينك ، فإن قدرت أن لا تنظر إلى ثوب المرأة التي تحل لك فافعل» (٢) وربما نهتدي بذلك الى ان الجنتين ليستا منزلا لمن خاف ربه من الرجال فحسب ، بل حتى للمؤمنات العفيفات ، اللواتي منعهن خوف الله حتى من مجرد النظر الحرام فهن من السابقات الطاهرات ، وربنا يجعلهن يوم القيامة سيدات نسائها ، وأعظم جمالا ، جزاء تقواهن وطهارتهن ، حيث يجعلهن كالياقوت والمرجان ، ولا ريب ان ذلك مما تتطلع اليه كل أنثى.
جاء في تفسير نور الثقلين ج ٥ ص ٢٠١ نقلا عن كتاب من لا يحضره الفقيه عن الامام الصادق (ع) : «الخيرات الحسان من نساء أهل الدنيا ، وهن أجمل من الحور العين».
ومعنى قوله : «لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ» انهن في الجنة يرجعن أبكارا على الدوام ، بحيث إذا جاءهن أترابهن من المتقين وجدوهن أبكارا ، لم يسبقهم أحد إليهن ، أو ان المعنى ، بالطمث المحرم ، فهن بعيدات عن ذلك ، ولم يتورطن
__________________
(١) النور / ٣٠
(٢) تنبيه الخواطر ، ونزهة النواظر (مجموعة ورام) ج ١ ص ٦٢