فيه ماديا ولا معنويا ، فهن من الزوجات التي وعد المتقون : (وَأَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ) (١) كما تشمل الآية قاصرات الطرف من الحور اللواتي يخلقهن الله للمتقين خصوصا ، ولكن المعنى قد يكون : أنهن قصرن أنظارهن عن غير أزواجهن ، وان عدم الطمث يكون مطلقا ، فهن أبكار في الجنة ولم يفضّ بكارتهن أحد قبلهم.
وبالعودة الى أول الآية ، ومقارنتها بالآيات السابقة (٤٨ ـ ٥٠ ـ ٥٢) نجد الخطاب بالتثنية «ذواتا ، فيهما» عطفا على الجنتين ، ولكنه هنا جاء بصيغة الجمع «فِيهِنَّ» وذلك اما وصلا بالحديث عن الفرش وهو قريب ، حيث يجلس المؤمنون معهن عليها ، قال تعالى : (مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) (٢) وقال : (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ* لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ) (٣) وهذا العطف يشبه وصله الآية (٥٨) بالآية (٥٦) ، واما يكون المعنى : ان في الجنتين المذكورتين ـ وهما الأساس ـ جنات كثيرة في كل واحدة قصورها وحورها الخاصة بها ، وقال بعض المفسرين : ان ذلك متصل بالآية السابقة «فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ» باعتبار الحور شيئا من تلك الآلاء ، وان رحمة الله تحيط بالإنسان من كل جانب ، وهي تمتد الى الآخرة وتتسع هناك ـ في الجنة ـ للمؤمنين ، بما لا يقاس بالدنيا ، ففي الجنة التجلي الأعظم لاسم الرحمن ، حيث النعم المتميزة كمّا ونوعا وتنوّعا ، وإذا كانت رحمته تعالى تشمل المحسن والمسيء في الدنيا فهي هناك للمؤمنين وحدهم ، لأن الآخرة دار الفصل.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
بلى. أنتم يا معشر الجن والإنس قد تكذبون بآيات الله ، وتكفرون بنعمه ،
__________________
(١) آل عمران / ١٥
(٢) الطور / ٢٠
(٣) يس / ٥٦ ـ ٥٧