ولكنها تظل تتوالى عليكم ، وربما زادها الله ليزداد المكذب إثما ، فلا يبقى ثمة حظ له في الآخرة ، ولا نصيب من رحمة الله ، ورحمة ربك خير مما يجمعون (وَلَوْ لا أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً لَجَعَلْنا لِمَنْ يَكْفُرُ بِالرَّحْمنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فِضَّةٍ وَمَعارِجَ عَلَيْها يَظْهَرُونَ* وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْواباً وَسُرُراً عَلَيْها يَتَّكِؤُنَ* وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذلِكَ لَمَّا مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَالْآخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ) (١) وما قيمة حطام الدنيا حتى يغتر به الإنسان ، فيعتبره خيرا كلما زاده الله منه ، ويتخذه وسيلة للتمادي في الكفر ، والتكذيب بالرحمن ـ عزّ وجلّ ـ إنه سوف يحرم نفسه من رحمته العظمى في الآخرة من العيون ، والأنهار ، والفواكه ، وفرش الإستبرق ، والحور العين ، فلما ذا يحيل رحمة ربه له في الدنيا خسارة لذلك النعيم ، وغضبا عليه بسبب التكذيب؟!
ولاننا لا نستوعب حقيقة نعيم الاخرة ، فانه تعالى يشير اليه إشارة تقريبيّة ، من خلال التشبيه ، ففي الجنة ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ، وفي الأخبار لو حدث الله الناس عن الجنة كما هي لما صدقوا ، ولعلنا نهتدي الى هذا المعنى من الآية الكريمة : (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٢) إذ ينفي ظاهرها امكانية العلم أصلا.
ولكي نقترب من هذه الفكرة دعنا نتصور قاصرات الطرف : هل هن يشبهن نساء الدنيا؟ وما مدى جمالهن؟
قد نجيب على تلك الأسئلة ، ولكن بأي دليل ، وعلى أي مقياس؟! لعل عقولنا بل خيالاتنا تتمكن من استيعاب أقصى حد للجمال ، بأجمل امرأة في العالم ، ولكن هل يمكنها ان تتصور جمالا يفوق ذلك مليون مرة؟! كلا .. لذلك يقول ربنا وهو
__________________
(١) الزخرف / ٣٢ ـ ٣٥
(٢) السجدة / ١٧