يحدثنا عن قاصرات الطرف مشبها :
(كَأَنَّهُنَّ الْياقُوتُ وَالْمَرْجانُ)
قيل يشبهن الياقوت صفاء ، فبشرتهنّ لا يشوبها عيب ، وتشبه المرجان حمرة ، أو هي ناصعة البياض مشرّبة بحمرة الياقوت ، وربما نستوحي من الآية معنى آخر فكما ان الياقوت ليس كأيّ حجر يحصل عليه الإنسان بسهولة ، بل لا بد له من البحث عنه والاجتهاد ، وكما ان اليد لا تصل الى المرجان إلّا بالغوص الى أعماق البحار وتحمل المشقة ، فان للجنة ثمنا لا يحصل عليها صاحبها الا به ، قال تعالى : (أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللهِ) (١).
ولعل شكر نعم الله المادية والمعنوية من أهم مفاتيح الجنة ، فإن شكر الآلاء بارك له وزاده ، ليس في الدنيا وحسب ، بل في الآخرة أيضا ، لأنها امتداد للأولى ، ومصيره فيها يحدده موقفه من نعم الله.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
وللعبد أن يعرف حجم تكذيبه بآلاء ربه ، من خلال العذاب الذي سوف يلقاه في الآخرة ، ومن الحسرة والندامة التي تحل به جزاء خسارته الأبدية الكبرى لنعيم الجنة وثوابها.
[٦٠] كل أبعاد الخليقة نعمة وهي ـ بالتالي ـ من آلاء ربنا الرحمن ،
__________________
(١) البقرة / ٢١٤