حتى يربى ، فان صنعت كما صنع كان له الفضل بالابتداء» (١).
وجاء في حديث مأثور عن النبي ـ في تأويل الآية ـ «هل جزاء من أنعمنا عليه بالتوحيد إلّا الجنة» (٢).
[٦١] وتنعكس هذه الآية على سلوك المؤمن فيتخذ آلاء ربه المسبغة عليه سلّما الى الكمال الروحي ، وبناء المجتمع ، وسببا الى نيل رضوان الله ، وليست وسيلة الى التكذيب به تعالى كما يفعل الكثير من الجن والإنس.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
أو ليس قد أحسن الله إليهم وأسبغ عليهم نعمه ظاهرة وباطنة ، فكذبوا بآلائه؟! ولماذا نبخل على الآخرين؟! وما يدريك لعل الله يقطع إحسانه عنا إذا تركنا الإحسان الى الناس ، أو ليس لله ملكين يناديان كل ليلة جمعة : «اللهم أعط كل منفق خلفا ، وكل ممسك تلفا» (٣) فعلى م البخل اذن؟! كما ان في داخلهم إحساس عميق بأنهم لا يملكون النعم ، وانما هي أمانات الله استخلفهم فيها ، فلما ذا يخرجون عن امره بإنفاقها؟! يقول سبحانه : (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) (٤) (وَابْتَغِ فِيما آتاكَ اللهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيا ، وَأَحْسِنْ كَما أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلا تَبْغِ الْفَسادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (٥).
وكما ان الإحسان يجلب الإحسان والزيادة في النعم ، فان الاساءة والفساد في الأرض يسلب النعمة ، بل ويجعلها نقمة ، قال ربنا سبحانه : (إِنْ أَحْسَنْتُمْ
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ١٩٩
(٢) المصدر / ص ١٩٨
(٣) بحار الأنوار / ج ٩٦ ص ١١٧
(٤) الحديد / ٧
(٥) القصص / ٧٧