أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) (١).
[٦٢] ثم يمضي السياق يحدثنا عن جنتين أخريين ، تختلفان في نعيمهما عن الأوليتين
(وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ)
يبدو من المقارنة بين الجنان الأربع وسائر النصوص ان درجات الجنة عديدة والناس فيها متفاضلون ، فبالرغم من أن أهل الجنة جميعهم منعّمون وراضون بما قسم الله لهم من الفضل ، ولكنهم كما تفاوتوا في الايمان والعمل في الدنيا فإنهم يتفاوتون ويتفاضلون في درجات الجنة ، قال تعالى : (هُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) (٢) وحتى الأنبياء يتفاضلون فيما بينهم ، قال الله : (تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ) (٣) وهذا التفاضل الذي يقرّه الله ليس اعتباطيا ، انما يعتمد الحكمة والعلم قال تعالى : (نَرْفَعُ دَرَجاتٍ مَنْ نَشاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ) (٤).
وقال النبي (ص) : «جنتان من فضة ، أبنيتهما وما فيهما ، وجنتان من ذهب ، أبنيتهما وما فيهما» (٥) ، وقال الامام الصادق (ع) يخاطب أحدا : لا تقولن الجنة واحدة ، ان الله يقول : «وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ» ولا تقولن درجة واحدة ، ان الله يقول : «درجات بعضها فوق بعض» ـ ثم أضاف ـ «انما تفاضل القوم بالأعمال» (٦). ولكن اختلاف الدرجات والتفاضل لا يخلف أثرا
__________________
(١) الإسراء / ٧
(٢) آل عمران / ١٦٣
(٣) البقرة / ٢٥٣
(٤) الأعراف / ٨٣
(٥) مجمع البيان / ج ٩ ـ ١٠ / عند تفسير الآية
(٦) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٠٠