وقد تكون الجنتان الدانيتان هما في الدنيا معدّتان لمن خاف مقام ربه قبل دخول جنة الخلد ، وبذلك جاءت رواية عن الامام الصادق عليه السلام ، قال عنهما : «خضراوتان في الدنيا يأكل المؤمنون منها حتى تفرغ (يفرغون) من الحساب» (١).
[٦٣] ومما يحدد درجة العبد ابتداء من أعلى درجة في الجنة وانتهاء بأسفل درك في النار موقفه من آلاء ربه ، وذلك بمدى تصديقه أو تكذيبه بها ، ومدى انتفاعه منها ، ومدى حسن تصرفه فيها.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
ما هو مدى التكذيب بها ، فقد يكون مستوى التكذيب هو الكفر والجحود ، وقد يكون عدم استغلال النعمة كما ينبغي ، فهو الآخر نوع من التكذيب بالنعمة قد لا يقصده الإنسان ، ولكنه ينعكس على مستقبله في الآخرة ، وربما يؤدي أحدنا شكر نعمة دون اخرى ، فيودي شكر نعمة العلم ، ويقصر في نعمة المال ، أو بطبق آية من القرآن ويترك اخرى ، أو يعصي بعينه من خلال النظر الى ما حرم الله ، بينما لا يستمع الى الغيبة والنميمة ، فيكون قد ادى شكر نعمة الاذن دون نعمة العين.
[٦٤ ـ ٦٥] ويضع الوحي أمامنا صورا عن ذات النعم التي ذكرها فيما يتعلق بالجنتين الاوليتين للمقارنة بينهما ، لنختار الأفضل بينهما ونجعلهما هدفا نسعى نحو تحقيقه ، بأقصى ما يمكن من السعي.
(مُدْهامَّتانِ)
والدهمة سواد الليل ، وقولنا : ليل أدهم يعني شديد الظلام ، ويعبر بها عن
__________________
(١) تفسير نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٠٠