سواد الفرس (١) والخضرة الشديدة الغليظة المتواصلة لأنها تضرب الى السواد ، ويقرب الإمام الصادق عليه السلام صورتهما حين يقول : «يتّصل ما بين مكة والمدينة نخلا» (٢) وحينما نعقد مقارنة بين كلمة «مُدْهامَّتانِ» وما يقابلها في وصف الجنتين الاوليتين «ذَواتا أَفْنانٍ» نعرف ان الاوليتين خضراوتان أيضا ولكن أشجارها ذوات أغصان كأشجار الفاكهة ، ولعل أغلبها منها ، بينما الجنتان اللتان دونهما ليستا كذلك ، وهذه الأشجار إذا انضمت الى بعضها واتصلت تضرب الى الخضرة ، وتكون جميلة ذات السوق الطويلة ، ولكن جمال ذوات الأفنان وفوائدها أكثر ، ولعل أحد أبرز أسباب التفاضل بين النوعين من الجنان هو مدى الشكر آلاء الله أو التقصير فيها. جاء في الأثر عن العلاء بن سيابة عن أبي عبد الله (ع) قلت له : ان الناس يتعجبون منا إذا قلنا : يخرج قوم من النار فيدخلون الجنة! فيقولون لنا : فيكونون مع أولياء الله في الجنة؟! فقال (ع) : يا علي ان الله يقول : «وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ» ما يكونون مع أولياء الله (٣) فاذا كنا نرغب في درجات الأولياء ، يجب أن نستجيب لنداء القرآن المتكرر :
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
قائلين كما قال المؤمنون من الجن ، وكما امر الرسول الأعظم (ص) : «لا ولا بشيء من آلاء ربنا نكذب» (٤).
[٦٦ ـ ٦٧] ويأخذنا القرآن الى داخل الجنتين ، ويقف بنا هذه المرة على مقربة من عينين تنبعان بالماء وحيث نقارن بينهما وبين العينين اللتين مر ذكرهما
__________________
(١) مفردات الراغب
(٢) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٠٠
(٣) المصدر
(٤) المصدر / ص ١٨٨