نجدهما أقل منهما لأنهما لا تجريان.
(فِيهِما عَيْنانِ نَضَّاخَتانِ)
جاء في المنجد : نضخ الماء اشتد فورانه من ينبوعه ، وعين نضاخة فوارة غزيرة (١) وفي تفسير الدرّ المنثور : اخرج عبد الحميد وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن البراء بن عازب قال : العينان اللتان تجريان خير من النضاختين ولفظ عبد قال : ما النضاختان بأفضل من اللتين تجريان (٢). وهذا لا يعني ان ليس في هاتين الجنتين أنهار تجري من تحتها ، ولكن الله يضيف الى أصحاب الجنتين الاوليتين سواقي وأنهارا تجري من العيون حيث لا توجد هذه الميزة في اللتين دونهما.
وهذا بالطبع لا يقلل من شأنهما أبدا ، ذلك ان مجرد النجاة من النار فوز عظيم. قال تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ ذائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّما تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فازَ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ) (٣).
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
وهذه الآية يجب ان تكون لنا شعارا ، فأي نعمة من نعم ربنا التي لا تعد ولا تحصى ـ والتي هي آية على رحمانيته ـ يمكننا أن ننكرها ونكذب بها؟! ثم لماذا نكذب بآلاء الرحمن؟! وانه يكشف لنا عن غيب رحمته ، ويفتح لنا أبوابها ، ثم يدعونا بلطفه لكي لا تفوتنا ، بلى. قد تفوتنا الجنتان الأوليتان ولكن دعنا نتقيه ما استطعنا لندخل الجنتين الأخريين ، أو ليست هذه نعمة وآية تدلنا الى رحمته؟
__________________
(١) المنجد / مادة نضخ
(٢) تفسير الدر المنثور / ج ٦ ص ١٥٠
(٣) آل عمران / ١٨٥