[٦٨ ـ ٦٩] ثم لننظر الى آياته ونعمه في الطبيعة من حولنا ، ولنستمع الى كتابه وهو يحدثنا عن جنتين هما دون الدرجات العلى ، ولكنهما مظهر لرحمته تفوقان خير الدنيا ونعيمها.
(فِيهِما فاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ)
وقد اختلف المفسرون في تحديد العلاقة بين الثلاثة (الفاكهة والنخل والرمان) فقال بعضهم : ان الفاكهة اسم الجنس العام وما يليها تفريع وتخصيص ، واعتبر البعض الثلاثة أجناسا مختلفة ، وليس ثمر النخل أو الرمان من الفاكهة ، وقال آخرون : انه ذكر الجنس (الفاكهة) وأشار الى أفضلها وأحسنها (ثمر النخل ، والرمان) لقول الامام الصادق (ع) : «الفاكهة مائة وعشرون لونا سيدها الرمان» (١) ولقوله : «خمس من فواكه الجنة : (منها) الرمان والرطب» (٢). والذي يهمنا ان الله ضرب الثلاثة مثلا مما في الجنتين للإشارة لا للحصر. ومع ذلك تبقيان دون الأوليتين علوا وسعة ونعيما ، فهناك قال الله فيهما «مِنْ كُلِّ فاكِهَةٍ» ليس واحدة ، بل «زَوْجانِ». وهنا قال «فِيهِما فاكِهَةٌ» فقط ، وربما قصرت الكلمة عن استيعاب الجنس بكل مفرداته وأنواعه ، وهذه المفارقة تشبه الى حد بعيد قوله في سورة الواقعة يصف ما في جنات السابقين المقربين : (وَفاكِهَةٍ مِمَّا يَتَخَيَّرُونَ) (٣) ، وقوله يصف جنات أصحاب اليمين الأقل منهم درجة : (وَفاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ* لا مَقْطُوعَةٍ وَلا مَمْنُوعَةٍ) (٤). فأولئك ما يتخيرون ويشتهون حتى ولو لم يكن موجودا قبل التخير والشهوة ، ودون ذلك هؤلاء ، ولا غرابة فربنا يقول وهو الصادق : (لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ
__________________
(١) نور الثقلين / ج ٥ ص ٢٠١
(٢) المصدر / ص ٢٠٠
(٣) الواقعة / ٢٠
(٤) الواقعة / ٣٢