بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) (١).
ان الجنتين إذا نظرنا الى نعيمهما وان كانتا دون الأوليتين فهما حقا مظهر لاسم الرحمن ، انه غني أن يخلقنا ولكنه بلطفه وحكمته خلقنا ، ثم لم يدعنا هكذا انما فطرنا على الحق والمعرفة به ، فهدانا الى النجدين ، وعلمنا ، ثم أعطانا العقل ، وأمرنا بالطاعة له ، وفتح لنا باب التوبة حتى تبلغ النفس التراقي ، وهو قادر بعد الموت أن لا يبعثنا ، وان بعثنا عذبنا ، ولكنه خلق الجنة ليكرمنا لا بعملنا ، فنحن لا نستطيع أن نؤدي شكر نعمة واحدة من نعمه ، بل بفضله الذي لولاه ما دخل أحد الجنة حتى رسوله الأكرم (ص) وهو القائل : «والذي نفسي بيده ، ما من الناس أحد يدخل الجنة بعمله» قالوا : ولا أنت يا رسول الله؟ قال : «ولا أنا إلّا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل» وقد وضع يده على رأسه وطوّل بها صوته (٢).
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
وليس لنا امام هذه النعمة إلّا القول : «لا بشيء من آلاء ربنا نكذب».
[٧٠ ـ ٧١] ثم يقول وصفا لنعيم الجنتين :
(فِيهِنَّ خَيْراتٌ حِسانٌ)
فلما ذا خرج عن التثنية الى الجمع فلم يقل فيهما؟! هناك وجوه :
الأول : ان ذلك يدل على تعظيم شأن هاتين الجنتين بالرغم من انهما دون ما سبق الحديث عنه في وصف الجنتين الأوليتين.
__________________
(١) الحديد / ١٠
(٢) بح / ج ٧ ص ١١