وان في الجنة لنهرا حافّتاه الجواري قال : فيوحي إليهن الرب تبارك وتعالى : اسمعن عبادي تمجيدي وتسبيحي وتحميدي ، فيرفعن أصواتهن بألحان وترجيع لم يسمع الخلائق مثلها قط ، فتطرب أهل الجنة ، وانه لتشرف على ولي الله المرأة ليست من نسائه من السجف فملأت قصوره ومنازله ضوءا ونورا ، فيظن ولي الله أنّ ربه أشرف عليه ، أو ملك من ملائكته ، فيرفع رأسه فاذا هو بزوجة قد كادت يذهب نورها نور عينيه ، قال : فتناديه : قد آن لنا أن تكون لنا منك دولة ، قال : فيقول لها : ومن أنت؟ قال : فتقول : أنا ممن ذكر الله في القرآن : «لَهُمْ ما يَشاؤُنَ فِيها وَلَدَيْنا مَزِيدٌ» فيجامعها في قوة مائة شاب ويعانقها سبعين سنة من أعمار الأولين ، وما يدري أينظر الى وجهها أم الى خلفها أم الى ساقها؟! فما من شيء ينظر اليه منها إلّا رأى وجهه من ذلك المكان من شدة نورها وصفائها ، ثم تشرف عليه أخرى أحسن وجها وأطيب ريحا من الأولى ، فتناديه فتقول : قد آن لنا أن يكون لنا منك دولة ، قال : فيقول لها ومن أنت؟ فتقول : أنا من ذكر الله في القرآن : «فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ»
قال : وما من أحد يدخل الجنة إلّا كان له من الأزواج خمسمائة حوراء ، مع كل حوراء سبعون غلاما وسبعون جارية كأنهن اللؤلؤ المنثور ، كأنهن اللؤلؤ المكنون (١).
هذا نزر قليل من آلاء الله ورحمته ، التي تنتظرنا لو آمنا وخفنا مقامه تعالى فلم نعصه ونتجاوز حدوده.
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ)
أيها الانس والجن.
__________________
(١) بح / ج ٨ ص ٢١٤