(وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ)
والأيد هي القوة ، ولعل كلمة البناء توحي بالتدريج في الخلق والمتانة فيه ، والصلة بين جزء وجزء فيما بني ، وكل ذلك صحيح في أمر السماء.
(وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)
ذهب المفسرون مذاهب شتى في معنى هذه الكلمة ، فقد قال ابن عباس ان معناها : إنّا لقادرون ، وقيل : وإنّا لذو سعة ، وقيل : وإنّا لموسعون الرزق على خلقنا ، وقال الضحاك : اغنيناكم دليله : «عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ» وقيل : جعلنا بينها وبين الأرض سعة (١).
ولعل هذا الاختلاف دليل صعوبة استيعاب ظاهر الآية في تلك البيئة العلمية التي كادت لا تعترف إلّا بالأرض وما فوقها من أجرام علوية محدودة ، وإنا لنجد مثل هذا الاختلاف في كثير من الآيات التي تهدي الى حقيقة علمية كانت غامضة في تلك الأيام.
علما بأن المعنى الظاهر للآية هو : ان ربنا المقتدر يوسع بناء السماء دائما ، وهذا ينسجم مع الحقائق العلمية التالية :
١ / ان الأرض وسائر الكرات تمتص المواد الأثيرية المبثوثة في الفضاء ، كما لو كانت أجهزة تنظيف عملاقة تكنس الفضاء مما يسمح لها بالنمو دائما ، وقد قالوا : ان حجم المواد المبثوثة في الفضاء هو بحجم الاجرام الموجودة الآن. أي أنها كافية لتكون المادة الأولية لخلق أجرام جديدة بعدد وبفخامة الأجرام الموجودة وربما أكثر.
__________________
(١) القرطبي / ج ١٧ / ص ٥٢