أولا : أولئك الذين يخضعون لغير الله ، ويتخذون أهواءهم إلههم من دون الله ، أو يعبدون الطغاة والمترفين ، أو يقدسون التراث والتقاليد انهم بعيدون عن هدف الخلق ، لأن عبادة الله تعني تحرير الإنسان من الشركاء من دونه ، ولعل الآية التالية تشير الى ذلك :
«أَفَحَسِبَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنْ يَتَّخِذُوا عِبادِي مِنْ دُونِي أَوْلِياءَ إِنَّا أَعْتَدْنا جَهَنَّمَ لِلْكافِرِينَ نُزُلاً» (١) ، وقال سبحانه : «يا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ» (٢).
وجاء في الحديث المأثور عن الامام الصادق عليه السلام : «إن الله عز وجل ما خلق العباد إلّا ليعرفوه ، فاذا عرفوه عبدوه ، فاذا عبدوه استغنوا بعبادته عن عبادة من سواه» فقال له رجل : يا ابن رسول الله! بابي أنت وأمي فما معرفة الله؟ قال : «معرفة أهل كل زمان إمامهم الذي تجب عليهم طاعته» (٣).
وحسب هذا الحديث يكون تحرّر الإنسان عن عبادة غير الله الغاية الأسمى للخلق ، كذلك نجد توحيد الله المحور الرئيسي لكل سور الذكر وآياته.
ثانيا : ان عبادة الله لا تتم إلّا بمعرفته ، وان معرفته لا تكتمل إلّا بعبادته ، لأن في معرفته التزلف إليه ، والتقرب من رضاه ، ولذلك جعلت معرفة الله أو معرفة آياته هدفا من أهداف الخلق حسبما قرأنا في النص السابق ونقرؤه في قوله سبحانه : «اللهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَماواتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللهَ قَدْ أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً» (٤).
__________________
(١) الكهف / ١٠٢
(٢) فاطر / ٣
(٣) عن علل الشرائع / تفسير البصائر / ج ٤١ / ص ١٣٤
(٤) الطلاق / ١٢