واقعه .. «كلّا» إنّه تذكرة اقبل عليه الناس أو أدبروا عنه ، فمن شاء تذكّر به ربّه والحق ، «وَما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ» بلطفه وتوفيقه (الآيات ٥٤).
بينات من الآيات :
[٣٢ ـ ٣٧] إنّ الرسالة الإلهية ذكرى للبشر ، ولكنّ الكفّار ـ وبالذات المترفين وأصحاب السلطة منهم ـ يخشون من الاعتراف بها ، لأنّها تفضح ما هم عليه من الإثم والضلال ، ولذلك تجدهم لا يعترفون ؛ تمنعهم عن ذلك عزّة الجاهلية ، كما أنّها تفرض عليهم مجموعة من المسؤوليات والتنازلات كمسؤولية الإنفاق في سبيل الله ، والطاعة للرسول (ص) ، والتنازل عن السلطة ، وذلك ممّا لا تطيقه أنفسهم الضيقة المستكبرة .. فلا بدّ إذا من إخراج لموقفهم الباطل من هذه الذكرى ، ولما فكّروا وقدّروا بهذه الخلفيّة الثقيلة تمخّضت أفكارهم وتقديراتهم عن نتائج خاطئة ، فزعموا أنّ الرسالة «سحر يؤثر» وأنّها ليست «إلّا قول البشر» ، وحتى إنذار الله لهم بالسقر لم ينفعهم ، بل اتخذوه تبريرا جديدا لكفرهم ، حيث قالوا بأنّ العدد المذكور عن حرّاسها التسعة عشر : عدد قليل يمكن مواجهتهم!
وهكذا يفعل كلّ مترف ومتسلّط ، لا تزيده الحجج إلّا لجاجا ، إذ يبحث فيها عن تبرير جديد يزعم أنّه يسوغ له الكفر وحتى الاستهزاء حتى أنّك تجد مثلا بعض المتصوّفة يستهزئ بالنار ويقول : سوف أطفئها بطرف ردائي!
وهكذا توالت كلمات القسم في السياق لعلنا نستجيب لها ، ونفكّر جدّيّا بأمر لعقاب.
(كَلَّا وَالْقَمَرِ)
قيل : معناه ليس الأمر على ما يتوهّمونه من أنّهم يمكنهم دفع خزنة جهنم