لتعلّق شرط «إذا» بها بالذات.
وحينما يلتفت الإنسان ببصره إلى هذه الظواهر الكونية الثلاث ، ويتفكّر فيها بعقله ، فإنّه يجدها آيات هادية إلى حقيقة التوحيد والربوبية العظمى ، وإلى ذات الحقيقة بتفاصيلها تهديه آيات القرآن ، وحديثه عن سقر وملائكتها وتذكّره بها ، ممّا يؤكّد أنّ الذي خلق هذا الكون هو الذي أنزل ذلك التشريع ، وأنّه إذا كانت هذه الظواهر وأمثالها كبيرة في نفس الإنسان وعظيمة فإنّ القرآن والآخرة واحدة من أعظم الحقائق المنذرة.
(إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ)
قال القرطبي : روي عن ابن عباس «إنّها» أي إنّ تكذيبهم بمحمد (ص) «لَإِحْدَى الْكُبَرِ» أي لكبيرة من الكبائر (١) ، وليس في السياق ما يؤيّد هذا الرأي ، بالذات إذا وصلنا الآية بما يليها ، وقيل : إنّ قيام الساعة لإحدى الكبر (٢) ، وهذا صحيح مسلّم به إلّا أنّه لا دليل عليه لا في النص ولا في السياق ، وقيل : يعني سقر ، وفيه وجه لأنّها واحدة من أعظم شعب النار ، وأكبر النذر للناس ، وقد ذكرت وقيل : آيات القرآن لإحدى الكبر في الوعيد (٣) ، وهو أقرب الآراء والمصاديق إلى الآية. كما أوّلها أئمة الهدى في الولاية ، عن أبي الحسن الماضي قال : «الولاية» (٤) باعتبارها سنام الإسلام ، وواحدة من أكبر أركانه وأهمها ، وعن الباقر (ع) قال : «يعني فاطمة عليها السلام» (٥) لأنّ ولاءها وحبّها جزء من تولّي
__________________
(١) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي ج ١٩ ص ٨٥.
(٢) المصدر.
(٣) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٣١.
(٤) نور الثقلين ج ٥ ص ٤٥٨.
(٥) تفسير القمّي ج ٢ ص ٢٩٦.