عن سقر ، وكلّ من تأخّر عن ولايتنا تقدّم إلى سقر» (١) ، وإلى قريب من هذا المعنى أشار ابن عباس بقوله : من شاء اتبع طاعة الله ، ومن شاء تأخّر عنها (٢) ، وقال العلّامة الطبرسي : وقيل أنّه سبحانه عبّر عن الإيمان والطاعة بالتقدّم لأنّ صاحبه متقدّم في العقول والدرجات ، وعن الكفر والمعصية بالتأخّر لأنّه متأخّر في العقول والدرجات (٣).
الثالث : التقدم والتأخر الحضاريين في الدنيا ، والتقدم والتأخر في الدرجات في الآخرة ، فإنّهما مرهونان بموقف الإنسان (فردا ومجتمعا وأمّة وبشرية) من كتاب الله وذكراه للبشرية ، فإن استمعت للنذر واتبعت الآيات وصلت إلى السعادة في الدّارين وتقدّمت مسيرتها ، وإلّا صارت إلى الشقاء والتخلف وواقع المسلمين في التاريخ والآن خير دليل على هذه الحقيقة ، فهم لمّا اتبعوا القرآن سعدوا وتقدموا وقادوا ركب الحضارة البشرية ، ولكنّهم الآن حيث هجروه تورّطوا في أنواع المشاكل والبلاء ، وصدق رسول الله (ص) حينما قال : «القرآن هدى من الضلالة ، وتبيان من العمى ، واستقالة من العثرة ، ونور من الظلمة ، وضياء من الأحزان ، وعصمة من الهلكة ، ورشد من الغواية ، وبيان من الفتن ، وبلاغ من الدنيا إلى الآخرة ، وفيه كمال دينكم (قال الإمام الصادق عليه السلام) فهذه صفة رسول الله للقرآن وما عدل أحد عن القرآن إلّا إلى النّار» (٤).
[٣٨] ومع أنّنا نقول بأنّ للرسالة الإلهية دورا أساسيا في تقدم البشرية أو تخلّفها ولكن بشرط أن يسعى الإنسان جاهدا في العمل بها.
__________________
(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٩١.
(٢) الدر المنثور ج ٦ ص ٣٨٥.
(٣) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٩٠.
(٤) موسوعة بحار الأنوار ج ٩٢ ص ٢٦.