وقوانينها ، والأمراض إنّما تتسلّل إلى أجسادنا لعدم اهتمامنا والقواعد الصحّيّة ، والتخلّف والتمزّق وسيطرة الطغاة والظالمين ، وحتى الزلازل والانهيارات وسائر الكوارث الطبيعية .. إنّها جميعا من عند الإنسان نفسه ، وهكذا الجزاء الأخروي ، فإنّ أصحاب النار هم المسؤولون عن تورّطهم فيها لما أقدموا عليه من الجرائم والسيئات ، كما أنّهم كانوا قادرين قبل انقضاء فرصة العمر على افتداء أنفسهم وفك أسرها بعمل الصالحات ، كأصحاب اليمين الذين يمتازون عن سائر الناس بذلك.
(إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ)
قال الإمام الباقر (ع) : «نحن وشيعتنا أصحاب اليمين ، وكلّ من أبغضنا أهل البيت فهم المرتهنون» (١) ، وفي الكشّاف : وعن علي (ع) أنّه فسّر أصحاب اليمين بالأطفال ، لأنّهم لا أعمال لهم يرتهنون بها (٢) ، ورجّحه الرازي في تفسيره ، وليست هذه إلّا مصاديق لحقيقة واحدة ، فالأصل من اليمن نقيض الشؤم ، كما مرّ علينا في سورة الواقعة عند قول تعالى : «فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ* وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ» (٣) ، وإرجاع التعبير إلى أصله يجعله يتسع لمصاديق أخرى كثيرة. وقد استثنى ربّنا أصحاب اليمين باعتبارهم من دون كلّ الناس ليسوا رهائن لأنّ كسبهم وسعيهم محمود ، بل هم في نعيم واسع مقيم.
(فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ* عَنِ الْمُجْرِمِينَ)
والسؤال ما هي أهمية التساؤل عن المجرمين بالنسبة لأصحاب الجنة؟
أولا : لإنّ ذلك يزيد المؤمنين لذّة بالنعم مادية ومعنوية ، فكما أنّ تحسس الغني
__________________
(١) تفسير البصائر ج ٥٠ ص ٤٣٢.
(٢) الكشّاف ج ٤ ص ٦٥٥.
(٣) الواقعة ٨ / ٩.