لأوضاع الفقراء يزيده شعورا بفضل الله عليه فإنّ أصحاب اليمين تزداد لذّتهم بنعم الجنة ونعمة الهداية حينما يطّلعون على نقيضهم.
ثانيا : هذا الحوار المستقبلي نافع للمؤمنين في الدنيا ، لأنّه يكشف لهم عن مكامن الخطر ، ومعالم طريق النار ، مّما يمكّنهم من تجنّب الأخطاء والمزالق ، فإنّ المعرفة بها لا تقلّ أهمية عن المعرفة بالصواب والحق. والذي يسعى لبناء شخصية إيمانية في نفسه ينبغي له أن يعرف صفات أهل النار ليتجنّبها.
(ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ)
أيّ شيء (عمل ومنهج) قادكم إلى النار؟
وإجابتهم تبيّن معالم الشخصية المجرمة من جهة ، وتؤكّد عمليا ارتهان كلّ نفس بكسبها من جهة أخرى ، فما هي الأسباب التي أدّت بهم إلى الجريمة ومن ثمّ إلى عذاب سقر؟
أولا : تركهم الصلاة.
(قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)
والآية تشمل التاركين للصلاة من الأساس كالكفّار والممسوخين من المسلمين ، كما تشمل أولئك الذين يمارسون طقوس العبادة ولكنّهم لا يلتزمون بقيمها وأهدافها ، وهم الذين قال عنهم ربّنا : «فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ* الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ ساهُونَ» (١) ، فإنّهم عند الله ليسوا من عداد المصلين ، لأنّ تارك الصلاة إنّما يصبح مجرما لأنّه ترك أعظم دافع نحو الخير وأفضل رادع عن الشر وهو الصلاة ،
__________________
(١) الماعون ٤ / ٥.