نجد الطغاة والمترفين اليوم قد تسلّحوا بأجهزة إعلامية فائقة الكفاءة من أجل سلب الإختيار من الإنسان الفرد ، وقولبة شخصيته ضمن القنوات التي يختارونها له ، وتلقّي المواقف والأفكار الجاهزة من خلال وسائل السلطة. ولقد استطاعت الأنظمة الاستكبارية في الغرب ربط شعوبها بوسائلها الإعلامية بالخصوص في القضايا السياسية ، فهي تخوض حينما خاضت حكوماتها وأحزابها. والشاشة الصغيرة وشبكات الصحف الكبيرة أصبحت اليوم آلهة تعبد من دون الله ، وتفرض آراءها على الناس في شتّى الأمور. وحتى اختيار لون فستان زوجته ، وتسريحة شعرها ، وطبيعة العلاقة معها ، يستمده الإنسان الغربي من وسائل الدعاية والاعلام لا من اختيار حرّ مستقل.
أمّا كيف يؤدّي حس التوافق إلى الجريمة؟ فالأمر واضح جدا ، إذ أنّ الفرد الذي فقد الاستقلال سوف يشارك مجتمعة في أخطائه حينما يتجه مركبه صوب الجريمة والضلال ، فإذا فسد أخلاقيّا فسد معه ، وإذا شنّ حربا ظالمة على الآخرين خاض في دمائهم كما يخوضون ، وإذا جلس مجالس الغيبة والبهتان والنميمة أدلى بدلوه في لهو الحديث ولغوه دون أن يملك شجاعة المعارضة.
رابعا : التكذيب بالآخرة.
(وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ* حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ)
واليقين هنا بمعنى العلم ، وقد فسّرت الكلمة بالموت لأنّ الإنسان حينما يموت يرتفع عن بصره كلّ حجاب ، فيرى الآخرة والجزاء وكلّ الحقائق التي ذكّرت بها رسالات الله عين اليقين. وفي الآيتين إشارة إلى أنّ فرصة النجاة قائمة ما دام حيّا ، فلو وقع في خط الباطل والاجرام ثمّ تاب وأصلح قبل الموت نفعه ذلك وإلّا فلا. وحيث لا يعلم الإنسان موعده مع الموت ولقاء ربه وجزائه فإنّه ينبغي له ملازمة