الطاعة والعمل الصالح بلا انقطاع ، فلعلّه وقد فكّر في المعصية وواقعها وافاه الأجل فصار إلى سوء العاقبة. هكذا أوصى أمير المؤمنين ابنه الحسن ـ عليهما السلام ـ محذرا إيّاه من الموت : «فكن منه على حذر أن يدركك وأنت على حال سيئة ، قد كنت تحدّث نفسك منها بالتوبة ، فيحول بينك وبين ذلك ، فإذا أنت قد أهلكت نفسك» (١).
ويعتبر الإسلام التكذيب بالآخرة وجزائها من أهم العوامل التي تدعو البشر إلى التحلّل من المسؤولية ، والإفراط في الانحراف والذنوب ، والتعبير القرآني الوارد في الآية دقيق جدا إذ يقول الله «نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ» وكأنّ التكذيب بالآخرة وسيلة إلى كلّ تكذيب. بلى. إنّ خشية العقاب تردع الإنسان من مخالفة القوانين ، ومن لا يخشى عقاب ربه كيف يلتزم بشرائعه؟ من هنا يؤكّد العلماء على ضرورة القوانين الجزائية ، لأنّها ضرورة ملحّة في تنظيم علاقات المجتمع.
وقد أطلق الله على يوم القيامة أسماء كثيرة قد تتّفق في حيثيّاتها الأوليّة ، ولكنّها بلا شك تختلف في إيحاءاتها النفسية والمعنوية ، بحيث يمكن لنا القطع بأنّ التعبير ب «يوم الدين» في هذا السياق أصلح من أيّ تعبير آخر ، ونكتشف ذلك في المفردات ضمن السياق الذي ترد فيه.
ولأنّ سياق سورة المدثر عن تبليغ الرسالة وتكذيب الكفّار ومرضى القلوب بحقائق الدين كان من الحكمة التأكيد على «يوم الدين» بالذات ، لبيان أنّ الدين هو المحور والميزان في الآخرة ، وأنّ حقائقه التي يكذّب بها أعداء الرسالة سوف يأتي اليوم الذي يجليها ، وبالتالي التأكيد على أنّ التديّن ضرورة مصيرية لكلّ إنسان.
[٤٨] ويبيّن لنا القرآن صفة خامسة لأصحاب سقر هي في الحقيقة
__________________
(١) نهج البلاغة ك ٣١ ص ٤٠٠.