وبرامج الإسلام تهدف تنمية هذه النفس ، وتعتمد عليها في كثير من تشريعاته جنبا إلى جنب اعتماده على العقل ، وهكذا يكون للإنسان محكمتان : محكمة نفسه اللوّامة ، ومحكمة الآخرة ، قال الإمام الصادق (ع) : «ألا فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا ، فإنّ في القيامة خمسين موقفا كلّ موقف مقام ألف سنة» (١) ، وقال الإمام السجّاد (ع) : «ابن آدم! لا تزال بخير ما كان لك واعظ من نفسك ، وما كانت المحاسبة من همّك» (٢)
ولأنّ النفس اللوّامة تقوم بدورها في حياة الإنسان تجعل الرسالات الإلهية والمواعظ الخارجية تلقى تجاوبا منه ، وإلّا فهي لا تؤثّر شيئا إذا عطّل العقل ومات الضمير ، قال الإمام الصادق (ع) : «من لم يجعل له واعظا من نفسه فإنّ مواعظ الناس لن تغني عنه شيئا» (٣).
[٣ ـ ٤] وكما أنّ القيامة يوم البعث وجمع العظام فإنّ النفس اللوّامة آية وجدانية على القيامة باعتبارها صورة مصغرة عن تلك المحكمة العظمى ، بل إنّها تصبح بلا مبرّر لو لا أنّ الإنسان سيلاقي حسابه الأوفى في يوم من الأيام. من هنا يكون كفر البشر بالآخرة مع وجود النفس اللوّامة فيه موضع استنكار ، ودليل ضلال فيه مبين ، ما توحي به الآية :
(أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ)
والمتتبع لموارد استخدام كلمة (حسب) على صيغها المختلفة في القرآن يجد أنّها تعني الظن والزعم الذي لا أساس له ، وذلك يعني أنّ تشكيك الإنسان بالآخرة لا
__________________
(١) موسوعة بحار الأنوار / ج ٧٠ ص ٦٤.
(٢) المصدر.
(٣) المصدر / ص ٧٠.