كانت اليدان من خصائص الحضارة البشرية فإنّ الأصابع هي ميزة اليد عند الإنسان بما فيها من دقة وقوة وأناقة ، وخصوصا البنان الذي يقوم بدور عظيم في حياة الإنسان.
وقد اعتبر البعض هذه الآية سبقا في بيان حقيقة علمية يستفاد منها كثيرا في القانون الجنائي ، وهي : اختلاف خطوط أطراف الأصابع من إنسان إلى آخر ، والتي أصبحت بذاتها علما مستقلا يسمّى بعلم البصمات ، ترتكز عليه الدوائر الأمنية في مكافحة الجريمة ومعرفة المجرمين.
وتعبير الله في الآية الثالثة «نجمع عظامه» يهدينا إلى أنّ الإنسان مهما تحلّل في التراب إلّا أنّه لا يتحوّل إلى العدم ، بل يبقى أجزاء وذرأت صغيرة متفرقة هنا وهناك ، والخلق الثاني بالبعث يبدأ بجمعها إلى بعضها عبر قوانين وإرادة إلهية تجعل ذرأت كلّ فرد وعضو وجزئياته تجتمع وتلتحم مع بعضها ، والله العالم.
[٥ ـ ٦] أمّا سبب كفر الإنسان بالآخرة فهو أنّه لا يريد الالتزام بالشرائع والحدود ، بل يريد أن يطلق العنان لأهوائه وشهواته ومن ثمّ لا يتحمّل مسئولية في الحياة.
(بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ)
قال الإمام الصادق (ع) : «أي يكذّبه» (١) ، وعلى هذا أجمع جلّ المفسرين ، قال العلامة الطبرسي : فالفجور هو التكذيب (٢). وقال الفخر الرازي : أي يكذّب بما أمامه من البعث والحساب ، لأنّ من كذّب حقّا كان فاجرا (٣). والذي يبدو لي
__________________
(١) البرهان ج ٤ ص ٤٠٦.
(٢) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٩٥.
(٣) التفسير الكبير ج ٣٠ ص ٣١٨.