أمام أمر هامّ.
[قم الليل]
ولم يقل : (صلّ) لأنّ التعبير بالقيام أشمل من الصلاة ، فالقيام يشمل الصلاة المخصوصة وغيرها ، وكذلك الدعاء وقراءة القرآن والتفكر والاستغفار ، والذي يستتبع محاكمة الماضي بالمحاسبة الذاتية والتفكير المنهجي في المستقبل. إذن فالليل ليس لمجرد النوم والراحة ، كلّا .. إنّما هو فرصة المؤمنين الذهبية للعروج نحو الكمال الروحي والعقلي ، والاتصال بربّ العالمين .. ومن ثمّ التخطيط السليم للمستقبل ، سواء مستقبل الآخرة البعيد ، أو مستقبل الغد القريب في الدنيا ، حيث السبح الطويل كلّ نهار. ويتميّز الليل عن النهار بهدوئه وصفائه ، وكون الإنسان فيه بعيدا عن كثير من المؤثرات التي تواجهه في النهار ، ولذلك جعله الله ميعاد لقائه بعباده الصالحين.
إنّ الإسلام يريد لأتباعه أن يقودوا البشرية ، ويشيّدوا على هداه سعادتها الخالدة ، وذلك بحاجة إلى العزيمة العالية ، والإرادة الصلبة ، ومناجاة الله الذي من عنده كلّ خير وسعادة .. وقيام الليل يؤمّن لهم كلّ ذلك ، كما أنّ بلوغ ذلك الهدف رهين السعي المستمر نحوه والذي لا يكفيه النهار ممّا يدعو المؤمنين إلى مواصلة السعي في النهار بقيام الليل ، بقيام الليل ، فلا ينامون إلّا قليلا ، بلى : إنّ الهدف عظيم ، والفرصة قصيرة ، فلا بدّ إذن من سعي مضاعف ، يسخّرون فيه ما يمكنهم من طاقاتهم ، وينتهزون لأجله ما يمكن من الوقت.
(إِلَّا قَلِيلاً)
من عمرهم يخصصونه لراحة أبدانهم كحاجة طبيعية تفرض نفسها على كلّ