وردود فعله ، بل يجب أن يتبع خططه الحكيمة ، وينتظر بكلّ خطوة وموقف الإذن والأوان المناسب.
قال الإمام الصادق ـ عليه السلام ـ : يا مفضّل! إنّ القرآن نزل في ثلاث وعشرين سنة ، والله يقول : «شَهْرُ رَمَضانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ» ، وقال : «إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةٍ مُبارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ» ، وقال : «لَوْ لا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً واحِدَةً كَذلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤادَكَ» ، قال المفضل : يا مولاي! فهذا تنزيله الذي ذكره الله ، وكيف ظهر الوحي في ثلاث وعشرين سنة؟ قال : نعم يا مفضل! أعطاه القرآن في شهر رمضان ، وكان لا يبلّغه إلّا في وقت استحقاق الخطاب ، ولا يؤدّيه إلّا في وقت أمر أو نهي (١).
(ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ)
إيضاح معانيه ، وبيان حقائقه وتأويلاته ، حتى لا تبقى للإنسان حجة على الله ، ولكي تكون لله الحجة البالغة عليه في الدنيا والاخرة. أمّا كيف يبيّن ربّنا قرآنه الكريم لكافّة الناس فلعل من أسبابه : أنّه يقيّض الدعاة إليه ، والأدلاء عليه ، وأهل البصائر النافذة لتفسيره وبيانه ، ثم أنّ لله حجتين على الإنسان واحدة باطنة هي عقله ، وأخرى ظاهرة هي رسالة الله ورسله ، وهما يلتقيان في وجدان كلّ إنسان سوي ، فما يأمر به القرآن من قيم الصدق والعدل والإحسان يأمر به العقل أيضا ، وهذا من سبل بيان القرآن لأنّه يتطابق ووجدان الإنسان وفطرته وعقله والعرف العام عند العقلاء.
وهناك سبب آخر لبيان القرآن : أنّه يفسّر بعضه بعضا ، فلا تكاد كلمة تذكر
__________________
(١) تفسير البصائر / ج ٥٠ ص ٥٦٩.