حضورا في وعيه ، وهذا ما نقرأه في الآيات التالية.
(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ)
والكلمة تتسع لجميع معاني الحسن والجمال والبشر التي تعبّر عن نفس مطمئنة راضية تفيض سرورا وأملا برحمة الله. قال في المنجد : نضر الوجه نعم وحسن وكان جميلا ، فهو ناضر ونضر ونضير ، والنضر جمع نضار ، وأنضر : الذهب والفضة ، يقال : «تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ» أي بريقه ورونقه (١). ووجوه المؤمنين يوم القيامة ناضرة فرحا وسرورا بلقاء ربهم ، ورضوانه ، وجزائه الحسن ، وغاية ذلك نظرهم إلى ربهم حيث يعرفون من أسماء ربهم الحسنى ، ويرون من آيات بهائه وجلاله ، وينتظرون من آلائه ونعمائه ما يجعلهم في بحبوحة الرجاء ، وعنفوان الرضا ، ومهرجان الحبّ والقرب ، وشلّال لا ينقطع من نور الله البهي.
(إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ)
قال العلّامة الطبرسي : اختلف فيه على وجهين :
الأول : أنّ معناه نظر العين ، واختلف من حمله على نظر العين على قولين :
أحدهما : أنّ المراد إلى ثواب ربها «ناظرة» أي هي ناظرة إلى نعيم الجنة حالا بعد حال فيزداد بذلك سرورها.
الآخر : أنّ النظر بمعنى الرؤية ، والمعنى تنظر إلى الله معاينة ، رووا ذلك عن الكلبي ومقاتل وعطاء وغيرهم ، وعموم رأي أهل السنة ، (وردّ على هذا الرأي فقال :) وهذا لا يجوز ، لأنّ كلّ منظور إليه بالعين مشار إليه بالحدقة واللحاظ ،
__________________
(١) المنجد / مادة نضر.