والله يتعالى عن أن يشار إليه بالعين ، كما يجلّ سبحانه عن أن يشار إليه بالأصابع.
الثاني : أنّه الانتظار ، واختلف من حمله على هذا المحمل على أقوال :
ألف : أنّ المعنى منتظرة إلى ثواب ربها ، وروي ذلك عن مجاهد والحسن وسعيد بين جبير والضحّاك وهو المروي عن علي (ع) ، وساق ما قاله شيخ الطائفة من الردّ على من اعترض على إمكان تعدّي النظر بإلى.
باء : أنّ معناه مؤمّلة لتجديد الكرامة ، كما يقال : عيني ممدودة إلى الله تعالى ، وإلى فلان ، وأنا شاخص الطرف إلى فلان.
جيم : المعنى أنّهم قطعوا آمالهم وأطماعهم عن كلّ شيء سوى الله تعالى (١). وما يبدو لي أنّ النظر هنا بكلا المعنيين المجازي والحقيقي ، فأمّا المجازي فإنّ المؤمنين يوم القيامة يتأمّلون من ربهم الثواب والكرامة ، ويقطعون أملهم إلّا منه ، و.. و.. وأمّا الحقيقي فإنّهم ينظرون إلى ربهم ببصائرهم لا أبصارهم من خلال آياته ونوره الذي يتجلّى لهم إكراما منه تعالى لعباده المتقين.
أمّا النظر إلى ذات الله فهو مستحيل ، والقول بذلك يستدعي التجسيد ، وهو من الثقافة الشركية التي تسربّت إلى بعض المسلمين من الثقافات الدخيلة.
وكيف يجوز النظر إلى الله والعين لا تستوعب بعض آياته؟ هل نظرت إلى عين الشمس لحظات؟ هل تفكّر في أن تحدق في الشمس من قرب أو لا تحترق عينك؟ والشمس آية صغيرة متناهية في الصغر إذا قيست بأنوار قدس الرب! لقد تجلّى الله للجبل فجعله دكّا ، فكيف يتحمّل هذا البشر الضعيف تجلّيات الرب إلّا بقدر ما
__________________
(١) مجمع البيان ج ١٠ ص ٣٩٨ مع تصرف ترتيبا وتنقيطا واختصارا.