الملائكة فهم يعصفون بروح الكافر ، يقال : عصف بالشيء إذا أباده وأهلكه (١) ، وعصفت الحرب بالقوم أي ذهبت بهم وأهلكتهم ، ويقال : عصف الدهر بهم أي أبادهم (٢).
ويبدو أنّ الأقرب إلى السياق تأويل العصف بسرعة الرياح في حمل الغيث ، وليس في سرعتها في الإهلاك.
(وَالنَّاشِراتِ نَشْراً)
إذا قلنا أنّها الرياح فهي تنشر السحاب في الآفاق ، وتنشر الغيث والرحمة الإلهية من زرع وغيره ، كما أنّها تنشر الحبوب واللقاح في بقاع الأرض المختلفة ، كما أنّ الملائكة ينشرن أجنحتهنّ في الجوّ عند انحطاطهنّ بالوحي (٣) ، وتنشر الكتب عن الله (٤) ، أو تنشر الرحمة والعذاب ، أو تنشر الكتب يوم الحساب (٥).
(فَالْفارِقاتِ فَرْقاً)
قيل : أنّها الرياح التي تفرّق بين السحاب فتبدّده (بعد اجتماع ، ليقف المطر ، وتطلع الشمس ، ويظهر وجه السماء بعد الغيب) عن مجاهد (٦) ، كما تفرّق الملائكة بين الحقّ والباطل بما تتنزّل به من الآيات والوحي عن الله على رسله. هكذا في التبيان (٧) والتفسير الكبير (٨).
__________________
(١) التفسير الكبير / ج ٣٠ ص ٢٦٤.
(٢) المنجد / مادة عصف.
(٣) الكشاف / ج ٤ ص ٤١٠.
(٤) التبيان / ج ١٠ ص ٢٢٣.
(٥) التفسير الكبير / ج ٣٠ ص ٢٦٤.
(٦) مجمع البيان / ج ١٠ ص ٢٦٦.
(٧) التبيان / ج ١٠ ص ٢٢٤.
(٨) التفسير الكبير / ج ٣٠ ص ٢٦٦.