الالتزام بشرائعه ومناهجه .. فلو يئس المؤمنون من الإنتصار والتغيير لما أكملوا مسيرة الجهاد والإصلاح ، ولو كفر الإنسان بالآخرة (البعث والحساب والجزاء) لما التزم بالنظم والشرائع الإلهية ، ذلك أنّ الإيمان بسنّة الجزاء الممتدة من الدنيا إلى الآخرة هو الذي يحرّك فيه روح الانضباط والمسؤولية.
والذي يتدبّر آيات القران في موضوع الآخرة يلاحظ أنّها أصبحت من الكثرة والتفصيل والتأكيد من أبرز خصائص هذا الكتاب ممّا يبعث السؤال عن سبب ذلك وخلفياته.
لعلّ أهم الأسباب هي التالية :
أوّلا : أهمية موضوع الآخرة ، فإنّ الآخرة ـ كما سبق وأن قلنا في مواضع كثيرة ـ تعتبر حجر الأساس في تفكير الإنسان المؤمن وإيمانه.
ثانيا : إنّ الآخرة غيب في المستقبل والإسلام يريدها حاضرة في وعي المؤمنين ، من هنا يفصّل الحديث فيها وينوّعه ويكرّره حتى يوصل ذلك الغيب إلى مستوى الشهود عندهم ، لذا نجد القرآن بعد الإشارة إلى الآخرة يبيّن الأمر ويفصّل في توجيهنا إلى مشاهدها العظيمة.
(فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ)
قال القمي : يذهب نورها وتسقط (١) ، وقال العلّامة الطوسي : والطمس محو الأثر الدال على الشيء ، والطمس على النجوم كالطمس على الكتاب ، لأنّه يذهب نورها والعلامات التي كانت تعرف بها (٢) ، وقال الفخر الرازي : يحتمل أن يكون
__________________
(١) تفسير القمّي / ج ٢ ص ٤٠٠.
(٢) التبيان / ج ١٠ ص ٢٢٥.