نسف الجبال التي جعلها الله أوتاد الأرض ، فلا تستقرّ وتميد بأهلها ويتحطّم نظامها بحيث لا تصلح للعيش.
وتلك كلّها بعض مشاهد القيامة الرهيبة ، ولك أن تتصوّر هذا المخلوق الضعيف كيف يعاصر تلك الأهوال الكونيّة ، وأنّى له بركن يأوي إليه منها؟! إلّا أن يكون قد سعى سعيا صالحا يخلّصه منها.
[١١ ـ ١٩] ويبقى المشهد الأهم من ذلك والموقف العصيب حينما يحين ميعاد الشهادة فيأتي الرسل شهداء على المكذّبين من أممهم.
(وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ)
جعل لها ميعاد محدّد في وقت معلوم للابتعاث وفي أرض معلومة ولهم وقت معلوم للشهادة ، وذلك يهدينا إلى أنّ حركة الأنبياء وبعثهم ليست اعتباطية بل هم في الدنيا والآخرة يسيرون على أساس حكمة إلهية ، فلو أنّنا درسنا حركتهم التاريخية من جميع جهاتها وحيثيّاتها لوجدنا أنّ بعثهم قائم على مجموعة من القوانين الاجتماعية والحضارية ، بحيث أنّ زمن بعث نبيّنا محمد (ص) ومكان بعثته مثلا كانا مناسبين تماما لرسالته ودوره ، وربما أشار إلى ذلك الإمام الباقر (ع) في رواية أبي الجارود عنه قال : «بعثت في أوقات مختلفة» (١). كما أنّ شهاداتهم في الآخرة لا تبدأ في أيّ وقت أو بمجرّد أن تقوم القيامة بالبعث ، كلّا .. بل للرسل ميقات معلوم لا تؤدّي دورها المناسب إلّا فيه.
(لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ)
قال العلّامة الطباطبائي : الأجل المدّة المضروبة للشيء ، والتأجيل جعل
__________________
(١) تفسير القمي ج ٢ ص ٤٠٠.