الأجل للشيء ، ويستعمل في لازمه وهو التأخير ، كقولهم : دين مؤجّل أي له مدّة بخلاف الحال ، وهذا المعنى هو الأنسب للآية (١). وقد اختلف في الشيء الذي يعود عليه الضمير من «أجّلت» ، فقال صاحب الميزان أنّه : للأمور المذكورة قبلا ، من طمس النجوم ، وفرج السماء ، ونسف الجبال ، وتأقيت الرسل ، والمعنى : لأيّ يوم أخّرت يوم أخّرت هذه الأمور (٢) ، وقيل : هو عائد إلى الرسل فقط. ومع أنّ لرأي صاحب الميزان محمل في الآيات حيث تفيد «إذا» الواردة في الآيات كلّها معنى التأجيل ، إلّا أنّ الأقرب هو عودة الضمير إلى الرسل باعتبار التصاق كلمة «أقّتت» بهم دون النجوم والسماء والجبال ، ولأنّهم أصحاب الشهادة وميزان الفصل بين الناس عند ربّ العزّة ، الذي جعل لهم شهادتين متكاملتين : إحداهما في الدنيا بقيامهم شهداء لله بالقسط وقد تقدّمت ، والأخرى في الآخرة ، بجعلهم الحجة والمعيار في محكمة القيامة ، وقد أجّلها ربّنا لذلك اليوم.
(لِيَوْمِ الْفَصْلِ)
بين الناس في اختلافهم من كلّ الجهات ، وبين أهل الجنة وأهل النار ، وسمّيت القيامة بيوم الفصل لأنّها اليوم الذي يفصل فيه الخطاب ويحكم للناس في مصائرهم. وإذا كانت الآخرة مقسّمة أيّاما ومراحل فإنّ الرسل يدلون بشهاداتهم ليس في يوم البعث عموما ـ حسبما يبدو ـ بل في ساعات الفصل عند الميزان.
(وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ)
إنّه يوم رهيب لا يمكن لبشر أن يستوعب أحداثه ووقائعه على طبيعتها وبحجمها
__________________
(١) تفسير الميزان / ج ٢٠ ص ١٤٩.
(٢) المصدر.