التجارب التي خلّفها الآخرون.
(أَلَمْ نُهْلِكِ الْأَوَّلِينَ* ثُمَّ نُتْبِعُهُمُ الْآخِرِينَ)
ويمكننا حمل الهلاك على محملين :
الأول : أنّه الهلاك بالموت ، ونحن لا نكاد نقرأ آيات تحدّثنا عن سنّة الجزاء وحقيقة الآخرة إلّا ونقرأ إلى جانبها حديثا عن سنّة الموت ، والسبب أنّه تعالى يريد هدايتنا إلى أنّ الآخرة والجزاء حقّ كما الموت حق ، وأنّ تكذيب أحد بهما لا يمكن أن يغيّر من واقعهما شيئا ، كما لا يغيّر تكذيبه بوعد الله الواقع بالموت ذلك الحق ، والدليل واضح في مسيرة البشرية حيث أهلك الله الأولين وأتبعهم بالآخرين والحبل على الجرّار حتى لا يبقى أحد إلّا وجهه عزّ وجلّ.
الثاني : الهلاك بالأخذ والعذاب المتأسّس على سنّة الجزاء الإلهي في الحياة ، وهذا أقرب إلى السياق الذي يتوعّد بالمكذّبين ولا يزال بالويل ويؤكّد على الجزاء ، كما تؤيّده الآية التالية :
(كَذلِكَ نَفْعَلُ بِالْمُجْرِمِينَ)
فهي إذن سنّة جارية في الحياة لا تتغيّر مع الزمن ، وهكذا تضع الآية الإنسان في كلّ عصر ومكان أمام تلك السنّة لكي لا يتصوّر أنّها محدودة في المجرمين التاريخيين وحدهم. ويعود السياق يوصل حقائق الماضي بالمستقبل من خلال سنّة الجزاء في الآخرة ، إذ أنّها أشدّ وقعا على المجرمين من أخذهم في الدنيا.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)
وكفى بإهلاك المجرمين في الدنيا دليلا إلى عذابهم في الآخرة. وإنّما يصيرون إلى