مجتمعتين في مثل القصور.
(كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ)
وقد ذهب أغلب المفسرين إلى القول بأنّها الجمال ، وقيل : هي قطع النحاس ، وهو مرويّ عن الإمام علي (ع) (١) ، والنحاس يسمّى صفرا عند العرب ، وبناء على هذا القول ينبغي حمل الجمالة على أنّها جمع جمل وهو الحبل والسلك العظيم ، لقوله تعالى : «حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِياطِ» (٢).
وهذه الألوان من العذاب هي بعض ما يلقاه المكذّبون من الويل في الآخرة ، والذي يشير إليه القرآن بتكرار الآية الكريمة :
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)
ومن ويلاتهم يوم الفصل أنّهم تسلب حرّياتهم التي طالما أساؤوا استخدامها وفهمها في الدنيا ، إلى حدّ لا يستطيعون النطق ، ولا يؤذن لهم من قبل الله عزّ وجلّ. ولعلّ ذلك جزاء إطلاقهم العنان لأنفسهم في الأهواء والشهوات ، وعدم التزامهم بحدود الله وشرائعه.
(هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ)
وفي الأحاديث : أنّ أهل جهنم يلجمون بلجم من نار ، وتحبس ألسنتهم التي سخّروها لحرب رسالة الله وحزبه ، بل لا يستطيعون النطق للحجج الإلهية البالغة التي لا تدع لهم مجالا للتبرير ولا قدرة على الكلام في محضر ربّ العزة.
__________________
(١) التفسير الكبير / ج ٣٠ ص ٢٧٦.
(٢) الأعراف / ٤٠.