الويل.
[٣٨ ـ ٤٤] وبعد أن عرض القرآن مشاهد من يوم الفصل يضع النفوس المكذّبة في موقف الشاهد لذلك المستقبل بزمانه ، ولكنّه حاضر بحقائقه وشواهده ومواقفه ولحظاته الحرجة ، لعلّها ترجع عن غيّها وضلالها.
(هذا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْناكُمْ وَالْأَوَّلِينَ)
وللجمع هنا معنيان :
الأول : هو البعث بجمع الأوصال والعظام وجمعها مع الروح ليكون بشرا سويّا بعد الموت ، وقد أشار القرآن إلى هذا المعنى في آيات عديدة منها قوله في سورة القيامة : «أَيَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ» (١). وإنّما ذكر الأوّلين لأنّ المشركين عادة ما كانوا يستبعدون البعث ، وبالذات بعث أولئك الأوّلين الذين اضمحلّت أبدانهم وتبدّدت أوصالهم.
الثاني : أن يكون الجمع بالمعنى الظاهر للكلمة ، فإنّ الناس (أوّلين وآخرين) يجمعون في عرصة القيامة للفصل بينهم وفي مصائرهم. وإنّما ذكر الأوّلين والآخرين من المكذّبين تمهيدا لتحدّيهم في الآية اللّاحقة ، إذ لا يريد الله أن يتحدّى بعض المكذّبين وحسب بل كلهم مجموعين إلى بعضهم عددا وعدّة.
(فَإِنْ كانَ لَكُمْ كَيْدٌ)
تدّعون الغلبة به وتعتمدون عليه.
__________________
(١) القيامة / ٣.