الأول : أنّه ذكر كناية عن الصلاة ، لأنّ الركوع أبرز ما فيها ، ولذلك تسمّى وحدات الصلاة بالركعات ، والصلاة تمثّل عمود الدين ، وذكر مخالفتهم وعصيانهم لله في أبلغ أوامره وشرائعه أوضح دلالة على عصيانهم وتكذيبهم.
الثاني : لأنّ الصلاة هي مظهر العبودية لله ، والركوع منها رمز الخضوع والتسليم ومظهره العملي ، وبيان تكذيب المكذّبين وتمرّدهم عن التسليم لله وللقيادة الرسالية يكون أجلى عند التمثيل له بالركوع والسجود من التمثيل له بأيّ شيء آخر ، وعلى هذا الأساس نستطيع حمل الركوع هنا على أنّه رمز للتسليم بكلّ مفرداته لا كونه محصورا في ركوع الصلاة فقط ، ولذلك فإنّ رفض التسليم ـ بجميع معانيه ـ يستلزم الويل للمكذّبين.
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ)
الذين يكذّبون بالحقائق ، ومن أبرزها وأهمّها :
أولا : الآخرة ، فإنّ الإيمان بها أساس إيمان الإنسان بسائر القيم والحقائق الإلهية ، وأساس التزامه بكلّ مفردات الدّين في الحياة.
ثانيا : القرآن الكريم وهو حديث الله للناس ، والذي لا يصلحه حديث ربه ، ولا تداوي أدواءه آياته ، فلن تجد له علاجا أبدا ، وهكذا فإنّ من لا يؤمن به ويسلّم له على ظهور حججه ودلائله فبما ذا يؤمن بعده؟!
(فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ)
لأنّ الأحاديث غيره كلّها لا تصل إلى مستواه في الصدع بالحق ، واشتمالها عليه ، ولا في بيانها وهدايتها له ، وكيف يرتفع حديث مخلوق إلى صحة حديث