وقال بعض المفسرين : معنى الآية أنّهم يلبثون في النار أحقابا متتالية لا تنقطع ، فكلّما مضى حقب أدركهم حقب آخر. قالوا : وإنّما استعاضت الآية بالأحقاب عن السنين لأنّها أهول في القلوب وأدلّ على الخلود ، وإنّما كان الحقب أبعد شيء عندهم ، وقالوا : الحقب ثمانون سنة. وإذا كانت السنة ثلاثمائة وخمسة وستين يوما وكان اليوم في الآخرة كألف سنة مما نعدّه من سنيّ الدنيا فلك أن تتصوّر أيّام الطغاة في جهنم!
وجاء في الحديث عن رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ أنّه قال : «لا يخرج من النار من دخلها حتى يمكث فيها أحقابا ، والحقب بضع وستون سنة ، والسنة ثلاثمائة وستون يوما ، كلّ يوم ألف سنة ممّا تعدّون ، فلا يتّكلنّ أحد على أن يخرج من النار» (١)
[٢٤] خلال هذه الأحقاب المتتالية والدهور المتطاولة لا يجد الطغاة هنالك سوى العذاب الذي لا يفتر عنهم أبدا.
(لا يَذُوقُونَ فِيها بَرْداً وَلا شَراباً)
فلا يجدون طعم البرد وبرد الشراب ، ولا لحظة واحدة ولا بقدر بسيط.
قالوا : البرد هنا بمعنى النوم ، واستشهدوا بما تقوله العرب : منع البرد البرد ، أي منع النوم البرد ، وقال بعضهم : بل هو عام يشمل برد ريح أو ظل أو نوم ، وأنشدوا :
فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ولا الفيء أوقات العشي تذوق (٢)
[٢٥] إنّما يتواصل لهم شراب يغلي وماء نتن.
__________________
(١) مجمع البيان / ج ١٠ ص ٤٢٤.
(٢) راجع القرطبي / ج ١٩ ص ١٨٠.