(لا يَسْمَعُونَ فِيها لَغْواً وَلا كِذَّاباً)
وإنّما يتبادلون العلم والمحبّة وذكريات الماضي ويحمدون ربهم على النعم. ولما ذا قول اللغو من غيبة وتهمة وفحش ما دامت نفوسهم طيبة والخيرات متوافرة لهم؟ ولما ذا الكذب وهو لا يكون إلّا لخبث أو خوف أو طمع وأهل الجنة مبرّأون من كلّ ذلك؟
[٣٦] كل هذه النعم تترى عليهم بفضل الله لأنّهم اختاروا الصراط المستقيم والعمل الصالح.
(جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً)
يبدو أنّ معناه أنّ هذا العطاء العظيم يكون حسب أعمالهم حيث أنّ درجات المؤمنين تختلف هناك حسب درجاتهم هنا.
وقيل : «حسابا» بمعنى الجزاء الوافي بحيث يقول المجزي : حسبي ، يقال : أحسبت فلانا أي كثّرت له العطاء حتى قال حسبي.
وقيل : «حسابا» لما عملوا ، فالحساب بمعنى العد أي بقدر ما وجب له في وعد الرب ، فإنّه وعد للحسنة عشرا ، ووعد لقوم بسبعمائة ضعف ، وقد وعد لقوم جزاء لا نهاية له ولا مقدار ، كما قال تعالى : «إِنَّما يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسابٍ».
وتعود الأقوال جميعا إلى حقيقة واحدة هي العطاء الجزيل.
[٣٧] ولكي لا يستكثر الإنسان هذه النعم بيّن الله أنّها من عند الربّ العظيم ، الذي له ملك السموات والأرض وهو الرحمن.