وقال بعضهم : المراد أرواح الخلائق ، وقال آخرون : المراد القرآن ، وقالوا : أشراف الملائكة ، وقالوا : بنو آدم والمعنى ذووا الروح (١).
ويبدو لي أنّ الروح في الأصل خلق نوراني أعظم من الملائكة وله جنود وامتدادات ، فمنه تستمد أرواح الناس قوتهم وحياتهم ، وبه يؤيد الله أنبياءه وأولياءه ، وهو الذي يتنزّل في ليلة القدر ، وهو الذي يقوم بين يدي الله يوم القيامة مع صفوف الملائكة.
(وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ)
لأنّ هيبة الله تقفل ألسنتهم ، ولأنّهم محكومون مربوبون ، فمن السفه أن يتّخذ أحد منهم إلها لأنّ كل ما لديهم من الله سبحانه ، وحتى الشفاعة لا يقدرون عليها إلّا بعد أن يأذن الله لهم بها ، والله لا يأذن بها إلّا لمن يشاء وبحكمة أي بحساب دقيق.
(إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً)
وهذه الآية تذكّرنا بقوله سبحانه : «يَوْمَئِذٍ لا تَنْفَعُ الشَّفاعَةُ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَرَضِيَ لَهُ قَوْلاً» والتي قلنا فيها : إنّ للشفاعة شرطين : إذن الله ، وأن تكون مرضية أي عبر مقياس الثواب والعقاب وليس بلا أيّ ميزان ومقياس ، ويبدو أنّ قوله سبحانه هنا : «وقال صوابا» يشير إلى ذلك.
[٣٩] كما تتجلّى عظمة الله في ذلك اليوم ، يتجلّى كذلك الحق ، فلا شفاعة بالباطل ولا كذب ولا دجل ولا أحكام جائرة.
__________________
(١) تفصيل هذه الأقوال مذكور في تفسير القرطبي / ج ١٩ ص ١٨٦ ـ ١٨٧ فراجع.