في قوله : «فإذا جاءت» كما هي جواب لقوله : «فَأَمَّا مَنْ طَغى» فيكون الأمر مركّبا على شرطين ، كما لو قال أحدهم : إذا كان رمضان وكنت حاضرا صمت.
[٤٠] كيف نتقي طغيان النفس وغرورها؟ بمخافة الله ، ويبدو أنّ السورة تعالج هذه الحالة المتجذرة في نفس البشر. ولكن من ذا الذي يخشى ربه؟ الذي يعرف مقامه. أولم يقل ربنا : «إِنَّما يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبادِهِ الْعُلَماءُ»
إنّ معرفة أسماء الله ، وأنّه أحاط بنا علما وقدرة ، وأنّه مليك السموات والأرض ، وأنّه الجبّار المقتدر .. إنّها تجعل أقسى القلوب خاشعة ، ومن هنا تزيغ وساوس الشيطان بنا عن معرفة ربنا سبحانه.
(وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ)
ليتقي طغيان نفسه.
(وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى)
لكي لا يؤثر على الآخرة شهوات الدنيا الزائلة ، ولا يذهب طيباته في الحياة الأولى ، ولكي ينظر لما قدّمت يداه لغده ولدار إقامته التي هي الحيوان حقّا.
[٤١] (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى)
يعود إليها ، لأنّه أصبح في الدنيا من أهلها ، وكل امرء يعود إلى مأواه الأصيل ووطنه الدائم. فالميزان إذا ثمّة ليس الانتماءات الظاهرة في الدنيا ، وليس التسجيل في حفيظة التقوى إنّما مخالفة الهوى ، واتباع الحق ، أرأيت كيف أصبح مصعب بن عمير ـ الذي قيل أنّ الآية نزلت فيه ـ من صفوة أهل الجنة ، بينما كان أخوه عامر بن عمير في الدرك الأسفل من النار؟ بما ذا؟ أليس لأنّ