عامر طغى وخالف الحق واتبع هواه ، بينما اتبع مصعب رسول الله ، وجاهد بين يديه ، وقيل أنّه قتل أخاه في أحد ، ووقى الرسول بنفسه حتى نفذت المشاقص في جوفه؟
[٤٢] وحين يقرّر الإنسان الكفر بشيء يبرّر ذلك لنفسه بالتشكيك فيه وبأنّه لا يعرف كيف يقع وبأيّة صورة ومتى .. وهكذا طفق الكفّار يرتابون في الآخرة ، ويتساءلون : كيف يبعث الله العظام البالية ، ومتى ، ولما ذا تأجلت هذه المدة الطويلة؟ لما ذا لم يبعث حتى الآن الذين ماتوا في أوّل الزمان؟ وهكذا ..
ولكنّ كل هذه التساؤلات لا تنفي حقيقة الساعة ، وأنّها واقعة لا ريب فيها.
(يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها)
متى تستقر كما تستقر السفينة في النهاية على شاطئها؟
[٤٣] ولكنّ الله أخفى علمها عن العالمين ، بل لم يحدّد لها وقتا إنّما يقرّرها متى ما شاء ، وحسب حديث مروي عن رسول الله (ص) أنّه قال : «لا تقوم الساعة إلّا بغضبة يغضبها ربّك» (١).
ولكنّ معرفة ميعاد الساعة أو الجهل بها لا يغيّر من واقعها شيئا. إنّها عظيمة إلى درجة تشفق السموات من وقعها! أفلا نتذكّرها ونعدّ لها عدّة؟
(فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها)
يبدو لي أنّ معنى هذه الآية : أين أنت من قصتها وحديثها ، ولما ذا لا تتذكرها ، وليس معناها كما قالوا : ليس لك السؤال عنها ، أو فيم أنت من ذلك حتى يسألونك
__________________
(١) القرطبي / ج ١٩ ـ ص ٢٠٩.