قالوا : ان كتاب الله مكتوبا في ألواح تكرّمت به ، وتسامت مجدا ، وقال البعض : بل المراد أنه كان مكتوبا في اللوح المحفوظ قبل أن يتنزل على قلب الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ وأنّى كانت الصحف فإن الآية تدل على أن القرآن محفوظ في صحف لا تنالها أيدي التحريف والتزوير ولا يسمو إليها الكذب والدجل ، كما تدل على أن الله أكرم هذه الصحف بأنها تكشف الحق ، وأكرمها بإعلاء درجة من يتّبعها في الدنيا والآخرة ، ذلك أن كرامة كل شيء بحسبه ، وكرامة الصحيفة صدقها ، وسمو مجدها ، وتعاليها عمن يريد بها عبثا ، ولذلك قال ربنا بعدئذ :
(مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ)
وهذا في الواقع تفسير لكرامة الصحيفة ، فإن الله يرفع بها من يعمل بها ويحمل رسالتها أولم يقل ربنا : «فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيها بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ رِجالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ ..» (١) وقال سبحانه : «يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجاتٍ وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ» (٢).
ثم انها مطهرة من الباطل والكذب ، ومن دسّ الدجالين والمنافقين وقد قال سبحانه : «إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ» (٣) وقال : «لا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ» (٤).
وهي مطهرة عن نيل أصحاب الهوى والبدع ، والرياء والشرك وحملة الدعوات
__________________
(١) النور / ٣٦.
(٢) المجادلة / ١١.
(٣) الحجر / ٩.
(٤) الواقعة / ٧٩.