ورد : ان أبا بكر سئل عن قوله تعالى : «وَفاكِهَةً وَأَبًّا» فلم يعرف معنى الأبّ من القرآن ، فقال : أي سماء تظلّني ، أم أي أرض تقلّني ، أم كيف أصنع إن قلت في كتاب الله بما لا أعلم ، أما الفاكهة فنعرفها ، وأما الأب فالله أعلم به ، فبلغ أمير المؤمنين (ع) مقاله فقال : يا سبحان الله! أما علم أن الأبّ هو الكلأ والمرعى ، وأن قوله تعالى : «وَفاكِهَةً وَأَبًّا» اعتداد من الله تعالى بإنعامه على خلقه بما غذاهم به ، وخلقهم لهم ولأنعامهم مما تحيي أنفسهم ، وتقوم به أجسادهم (١).
وفي الدر المنثور : عن انس : أن عمر قرأ على المنبر : «فَأَنْبَتْنا فِيها حَبًّا* وَعِنَباً وَقَضْباً* وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً* وَحَدائِقَ غُلْباً* وَفاكِهَةً وَأَبًّا» قال : كل هذا عرفناه فما الأبّ؟ ثم رفض عصا كانت في يده ، فقال : هذا لعمر الله هو التكلف ، فما عليك أن لا تدري ما الأبّ ، اتبعوا ما بين لكم هداه من الكتاب فاعملوا به ، وما لم تعرفوا فكلوه الى ربّه (٢).
[٣٢] والذي خلق الفاكهة خلق في الإنسان الحاجة إليها ، والتلذذ بها والاستفادة منها ، والذي خلق الأب (على ان يكون معناه علف الحيوانات) خلق في الانعام ما ينسجم معه ، أو تدري مثلا : ان جسد الانعام قادرة على استخراج بروتين الحشائش ، بينما لا يستطيعه جسم الإنسان ، ولذلك ترى الحيوانات تحول ما لا ينتفع الإنسان به من قشور الفاكهة وبقايا النبات الى بروتين ولحم ليعود بالتالي طعاما للإنسان؟
(مَتاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعامِكُمْ)
[٣٣] كل هذه النعم المتواصلة التي أسبغها الرب على الإنسان بين سائر
__________________
(١) الإرشاد للمفيد / ص ١٠٧.
(٢) الدر المنثور ج ٦ / ٣١٧.