الأحياء والنبات تحمّله مسئولية إضافية ، فهو المسؤول الوحيد بين سائر الأحياء ، وهكذا يبعث بعد موته للحساب والجزاء في يوم الصيحة الكبرى.
(فَإِذا جاءَتِ الصَّاخَّةُ)
قالوا : الصاخة : الصيحة ، وإنها النفخة الثانية ، تصخ الأسماع اي تصمها ، وقيل : بل تصخ لها الأسماع ، وهي بالتالي مأخوذة من صخّه بالحجر أي صكه ، ومن هذا الباب قالت العرب : صختهم الصاخة وباءتهم البائنة وهي الداهية.
[٣٤] يومئذ تكاد تصم الصيحة آذان الخلائق بقوتها ، ولكن الآذان يومئذ غيرها في الدنيا فإن الله جعلها بحيث تستوعب المزيد من الإثارة ، كما أنّ الأجسام تستوعب الآلام وأسباب الموت دون ان تعدم.
يومئذ تنقطع الأرحام ، وتنفصم عرى العلاقات ، وتتلاشى الأحساب والأنساب التي كانت وسيلة للتفاخر في الدنيا ، ولا يبقى أثر لهذه القيم البتة.
(يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ)
والأخ هو أقرب معين للإنسان وقد قال الشاعر :
أخاك أخاك فمن لا أخ له |
|
كساع الى الهيجاء بغير سلاح |
ولكن الإنسان يهرب منه. لما ذا؟ لأنه يخشى ان يلحق به عذابه ، أو يطالبه بحقّ له في الدنيا ، أو يستعين به على العذاب فلا يستطيعه.
بل انه يفر منه لأن مجرد رؤيته تشكّل له حرجا فكيف بالتعاون معه ، وهذه لا تكون إلا عند أعظم الشدائد حيث يركز فكر الإنسان في نفسه دون أحد سواه.