الإنسان بها جذور الغرور بنفسه وقدرته في شخصيته ، واتّكاله على الدنيا وما فيها ، ويتعرّف عن طريقها على ربه وقدرته المطلقة ، فيؤمن به وبرسالته بدل التكذيب كما هو شأن أولي النعمة المبطرين بها.
إنّ الجبال الراسية والمتماسكة تستحيل يومئذ كذرّات الرمل نتيجة الرجف الشديد المتتالي الذي تتعرض له.
(وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً)
قال القمّي مثل الرمل (١) ، وفي مجمع البيان : أي رملا متناثرا عن ابن عبّاس ، وقيل : المهيل الذي إذا وطأته القدم زلّ من تحتها ، وإذا أخذت أسفله أنهار أعلاه (٢) ، وفي المنجد : انكثب الرمل : اجتمع وانتشر بعضه فوق بعض ، وكل ما انصبّ في شيء فقد انكثب فيه (٣) ، والمهيل الذي يهال فيقع بعضه على بعض ، يقال : أهال التراب : إذا هدّه من أساسه فانهار على بعضه منتثرا ، ويسمّى التراب الناعم الذي تجمعه الرياح في الصحراء كثيب ، وجمعه كثبان ، ومن خصائصه أنّه سريع وسهل الانهيار والانتشار والتطاير في الهواء. وإذا كانت الجبال الصخرية الراسية تستحيل كثيبا مهيلا فما بال الإنسان الضعيف عند ما ترجف به الأرض؟ ولماذا يتحدّى قدرة ربه؟!
والعلاقة بين سياق السورة عن قيام الليل وبين الحديث عن مشاهد عذاب الآخرة هذه أنّ الخوف من أهوال ذلك اليوم يدفع المؤمنين إلى السعي من أجل الخلاص ، ومن ثمّ ينفخ فيهم روح القيام بالليل. وإنّها حقّا لتقضّ مضجع كلّ
__________________
(١) تفسير القمي / ج ٢ ص ٣٩٢.
(٢) مجمع البيان / ج ١٠ ص ٣٨٠.
(٣) المنجد / مادة كثب.