وأشباههم جند لكم» (١) ،وقد حذّر الإمام علي بن أبي طالب (ع) من ذلك اليوم فقال : احذروا يوما تفحص فيه الأعمال ، ويكثر في الزلزال ، وتشيب في الأطفال (٢) ، وكيف لا يشيب الوليد من أهواله وهو اليوم الذي يفصل الله فيه بين الخلائق ويقرّر مصائرهم ، فمن صائر إلى الجنة ومن صائر إلى النار خالدين فيها أبدا.
بلى إنّه يوم عظيم ، بل هو أعظم يوم في وجود العالمين إنسا وجنّا ، وكيف لا يسرع الشيب إلى من يقف بين يدي جبّار السموات والأرض ينتظر المسير إلى مصيره الأبدي ، وبالذات أولئك المجرمون الذي سوّدوا صحائفهم بالسيئات والفواحش ، وبعدهم المذبذبون ، أمّا المؤمنون والمتقون فإنّهم في مأمن من رحمة الله ، بل هو يوم سعادتهم وفرحتهم العظمى. أو ليسوا يلتقون حبيبهم وسيدهم ربّ العالمين؟
والشيب ليس كناية عن الشدة والمحنة (٣) وحسب ، بل لعله حقيقة ماديّة تقع يوم القيامة ، حيث أنّ حوادث ذلك اليوم الفظيع أعظم من قدرة احتمال جسد الإنسان ، ولو لا أنّ الله لم يقدّر عليهم الموت لكانت كلّ حادثة منها تقضي عليهم جميعا.
إنّ الحوادث ذلك اليوم لا تنعكس فقط على الإنسان بل على الطبيعة الصامتة أيضا ، فتأخذ الرجفة الأرض والجبال لرهبة الموقف ، وهكذا تشقّق السماء.
(السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ)
__________________
(١) التفسير الكبير / ج ٣٠ ص ١٨٤.
(٢) نهج البلاغة خ ١٥٧ ص ٢٢٢.
(٣) المصدر.