حسبما يبين القرآن الكريم ويقول : «كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا قالُوا ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ» (١).
[٢٣] ولم تكن العلاقة بين الرسول ـ صلّى الله عليه وآله ـ وجبرئيل ـ عليه السلام ـ غامضة أو مشوّشة. كلا .. إنه رآه وبوضوح كاف عبر الأفق المبين.
(وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ)
وما زاغ عن البصر وما طغى ، وما كانت وسوسات القلب ، أو أحلام اليقظة أو ما أشبه ، لقد كان النبي في قمة وعيه ، وكامل عقله حين تلقى الوحي من عند الله.
قالوا : الأفق المبين بمطلع الشمس قبل المغرب ، ويبدو أن المراد الجهة الصافية التي لا حجاب فيها ولا غبار.
وقال البعض : ان النبي ـ صلّى الله عليه وآله ـ رأى جبرئيل في صورته الأصلية ، قد سدّ بين المشرق والمغرب ، رأسه في السماء ورجلاه في الأرض ، فلم يحتمل رؤيته ، فقال له جبرئيل : «فكيف لو رأيت إسرافيل ورأسه من تحت العرش ورجلاه في تخوم الأرض السابعة ، وأن العرش على كاهله ، وأنه ليضاءل أحيانا من خشية الله حتى يصير مثل الوصع ـ يعني العصفور ـ حتى ما يحمل عرش ربك الا عظمته» (٢).
[٢٤] ومن علائم الرسل انهم واضحون مع الأمم يفصحون لهم عن علومهم ومعارفهم ، دون أن يطالبوهم بأجر وليسوا كما السحرة والكهنة ممن يبخلون عن الناس بما يعلمون حتى يتفضلوا عليهم ، وليسوا كما سائر العلماء الذين يطالبون على
__________________
(١) الذاريات / ٥٢.
(٢) انظر القرطبي / ج ١٩ ـ ص ٢٤١.