التكامل مع حاجات الشيء ، والحكمة منه فقد سوّي الإنسان بحيث يستطيع أن يقوم بالدور المحدّد له تماما.
وقد قال بعضهم : المراد من التعديل : أنّ الله جعله معتدلا سويّ الخلق ، وقال آخر : إنّ معناه أنّ الله أماله وحرفه في أيّ صورة شاء ، ويبدو أنّ المعنى الأول أنسب والسياق. فيكون معنى الخلق الترتيب ، ومعنى الإستواء التناسب بين أعضائه ، ومعنى العدل التناسب مع المحيط.
[٨] وبعد أن تكاملت خلقته واستوت على أساس الحكمة والعدل اختار الربّ لها الصورة حسب مشيئته ، وحسب حكمة بالغة يصعب معرفة كنهها.
(فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ)
لكلّ واحد منّا صورة ظاهرة جميلة أو ذميمة أو مقبولة اختارها الله لنا حسب تقسيم الأرزاق الذي يتبع حكمته عليها ، قد لا يرضى ببعض مفرداتها هذا أو ذاك لما في البشر من الحرص والطمع والاستئثار ، ولكنّها من حيث المجموع مقبولة حسب شهادة فطرة كلّ إنسان وعقله.
وكما الصور الظاهرة هناك صورة داخلية ركّبت على الإنسان. أولا ترى كيف فضّل الله كلّ إنسان بميزة ، وأودع في ضميره رغبة تختلف عن الآخرين ، ممّا يجعل كلّ شخص يختار طريقا مختلفا في الحياة ، يلتقي بالتالي في إيجاد حالة من التكامل في المجتمع ، فترى البعض يختار الطب ويصلح له ، والثاني يرغب في الهندسة وتتناسب شخصيته معها ، والثالث يطمح للقيادة أو الإدارة وهو لها أهل ، بينما لا يرغب البعض إلّا في الأعمال اليدويّة .. وهكذا قال ربّنا سبحانه : «لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيًّا».