نعم أكتب ، أراحنا الله منه فبئس القرين ، ما أقل مراقبته لله عز وجل! وما أقل استحياؤه منه! يقول الله : «ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ» وملكان بين يديك ومن خلفك ، يقول الله سبحانه : «لَهُ مُعَقِّباتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ» وملك قابض على ناصيتك ، فإذا تواضعت لله رفعك ، وإذا تجبّرت على الله وضعك وفضحك ، وملكان على شفتيك ليس يحفظان إلّا الصلاة على محمد ـ صلّى الله عليه وآله ـ ، وملك قائم على فيك لا يدع أن تدخل الحيّة في فيك ، وملكان على عينيك ، فهذه عشرة أملاك على كلّ آدمي ، وملائكة الليل سوى ملائكة النهار ، فهؤلاء عشرون ملكا على كلّ آدمي (١).
وإنّ وعي الإنسان حضور هذا الحشد من ملائكة الله عنده أفضل وسيلة لتعميق روح المسؤولية.
وتساءل البعض عن الحكمة في توكيل هؤلاء الحفظة بالإنسان ، فقال : ما علّة الملائكة الموكّلين بعباده يكتبون عليهم ولهم والله عالم السرّ وما أخفى؟ ، فأجاب الإمام الصادق ـ عليهم السلام ـ «استعبدهم بذلك وجعلهم شهودا على خلقه ، ليكون العباد لملازمتهم إيّاهم أشدّ على طاعته مواظبة ، ومن معصيته أشدّ انقباضا ، وكم من عبد يهمّ بمعصية فذكر مكانها فارعوى وكفّ ، فيقول : ربي يراني وحفظتي عليّ بذلك تشهد ، وإنّ الله برأفته ولطفه وكلّهم بعباده يدبّون عنهم مردة الشياطين ، وهوامّ الأرض ، وآفات كثيرة من حيث لا يرون بإذن الله إلى أن يجيء أمر الله عزّ وجلّ» (٢).
[١٣] وتتجلّى المسؤولية عند ما يستقبل ربّ الرحمة عباده الصالحين في النعيم الخالد.
__________________
(١) المصدر / ص ٣٢٤.
(٢) المصدر ص ٣٢٣.