تفاخروا ، وكم سرقوا منهم لقمة العيش فتفكهوا بها وتركوهم يتضورون جوعا.
(إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ)
ذكروا في تنزيل الاية سببين : الأول : أن المجرمين هم أكابر قريش كانوا يضحكون من عمار وصهيب وبلال وغيرهم من فقراء المسلمين ويستهزءون بهم ، الثاني : أنه جاء علي ـ عليه السلام ـ في نفر من المسلمين فسخر منهم المنافقون وضحكوا وتفاخروا ، ثم رجعوا إلى أصحابهم فقالوا رأينا اليوم الأصلع ، فضحكوا منه ، فنزلت هذه الآية قبل ان يصل علي إلى رسول الله. (١) والظاهر أن سبب النزول الثاني أقوى لأن السورة مدنية.
[٣٠] أول شهادة تسجل ضد المجرم هي شهادة ضميره الذي لا يني يلومه ويؤنبه على جريمته ، لذلك تراه يسعى جاهدا للتخلص منه فما ذا يفعل؟ انه ينتقم من أهل الصلاح وينتقص منهم ويستهزئ بهم لعله يخفف من وطأة اللوم الذي يتعرض له داخليا. كلا ... إنه يزداد وخزا وألما لأن الاستهزاء بالمؤمنين جريمة أخرى ارتكبها واستحق عليها لوم ضميره ، وهكذا يزداد استهزاء وسخرية دون أية فائدة.
(وَإِذا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغامَزُونَ)
اي يشيرون إليهم بأعينهم وأيديهم استهزاء ، وقيل : الغمز بمعنى العيب.
والله يدري كم تكون جراحة اللسان أليمة بالنسبة الى المؤمن الشريف الذي لا يزال يجتهد من أجل تزكية نفسه.
__________________
(١) التفسير الكبير ج ٣١ ص ١٠١.