ـ عليه السلام ـ في دار اللّعنة والهوان ، وعذّبهم بتلك الألوان العجيبة من العذاب ، وأقرّ المؤمنين الّذين كان المنافقون يستهزءون بهم في الدنيا في الجنان بحضرة محمد صفيّ الملك الديّان ، أطلعهم على هؤلاء المستهزئين بهم في الدنيا حتّى يروا ما هم فيه من عجائب اللّعائن وبدائع النقمات ، فيكون لذّتهم وسرورهم بشماتتهم بهم كما لذّتهم وسرورهم بنعيمهم في جنان ربّهم ، فالمؤمنون يعرفون أولئك الكافرين بأسمائهم وصفاتهم ، وهم على أصناف :
منهم من هو بين أنياب أفاعيها تمضغه ، ومنهم من هو بين مخاليب سباعها تعبث به وتفترسه ، ومنهم من هو تحت سياط زبانيتها وأعمدتها ومرزباتها يقع من أيديهم عليه تشدّد في عذاب وتعظم خزيه ونكاله ، ومنهم من هو في بحار حميمها يغرق ويسحب فيها ، ومنهم من هو في غسلينها وغسّاقها تزجره زبانيتها ، ومنهم من هو في سائر أصناف عذابها ؛ والكافرون والمنافقون ينظرون فيرون هؤلاء المؤمنين الّذين كانوا بهم في الدنيا يسخرون لما كانوا من موالات محمّد وعليّ وآلهما ـ صلوات الله عليهم ـ يعتقدون ، فيرونهم : منهم من هو على فراشها يتقلّب ، ومنهم من هو على فواكهها يرتع ، ومنهم من هو على غرفاتها أو في بساتينها وتنزّهاتها يتبحبح ، والحور العين والوصفاء والولدان والجواري والغلمان قائمون بحضرتهم وطائفون بالخدمة حواليهم ، وملائكة الله عزّ وجلّ يأتونهم من عند ربّهم بالحباء والكرامات وعجائب التّحف والهدايا والمبرّات يقولون : سلام عليكم بما صبرتهم فنعم عقبى الدار ، فيقول هؤلاء المؤمنون المشروفون على هؤلاء الكافرين المنافقين : يا أبا فلان ويا فلان ـ حتّى ينادونهم بأسمائهم ـ ما بالكم في مواقف خزيكم ماكثون؟ هلمّوا إلينا نفتح لكم أبواب الجنان لتتخلّصوا من عذاب وتلحقوا بنا في نعيمها ، فيقولون : ويلنا أنّى لنا هذا؟ يقول المؤمنون : أنظروا إلى هذه الأبواب ، فينظرون إلى أبواب الجنان مفتّحة يخيّل إليهم أنّها إلى جهنّم الّتي فيها يعذّبون ، ويقدّرون أنّهم ممكّنون أن يتخلّصوا إليها ، فيأخذون في